الاثنين، 27 يونيو 2016

موسوعة أسماء الله الحسنى (الرزّاق)

هو الله الّذي لا إله إلا هو ** الرزّاق **



- ورد اسم الرزّاق في قوله تعالى: « إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » {الذاريات:58} ، والرزَّاق كما تعلمون صيغة مبالغة، وإذا جاء اسم الله عزَّ وجل بصيغة المبالغة فمعنى أنه يرزق العباد جميعاً مهما كثر عددهم ويرزق الواحد منهم رزقاً وفيراً لا حدود له، إما على مستوى مجموع المرزوقين، وإما على مستوى كمية الرزق، لذلك لم تأت الرازق بل أتت الرزَّاق، لأنه يرزق كل العباد ويرزق العبد الواحد كل شيء، إذا أعطى أدهش. وورد هذا الاسم في قوله تعالى على شكل فعل مضارع: « وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » {العنكبوت:60}
ومن الخطأ والسذاجة أن تحصر الرزق في الطعام والشراب قال: « فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ » {آل عمران:37}
فقال العلماء: " رزق الأبدان بالأطعمة ورزق الأرواح بالمعرفة "، والمعرفة أشرف الرِزقَين فإذا خصك الله بدخل وفير أكلت به أطيب الطعام وخص عبداً آخر برزق المعرفة فاعلم علم اليقين أن العبد الآخر أكثر حظوةً عند الله منك لأنه منحه رزق النفوس رزق الأرواح وهي المعارف، قال الله عز وجل: « وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ » {القصص:14}
هذا هو الرزق.. وقد ورد في بعض الأحاديث: ( أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ) وكأن النبي عليه الصلاة والسلام استعمل كلمة الطعام والشراب للرزق الروحي وهو أشرف أنواع الأرزاق و من أسباب سَعة الرزق الصلاة.. ما الدليل.. قال الله عز وجل: « وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى » {طه:132}
استنباط من الآية لطيف جداً، فإذا أردت أن يزداد رزقك لن أقول لك صل فأنت مصلٍ إنما أقول لك أتقن صلواتك، فالخشوع من فرائض الصلاة لا من فضائلها، وربنا عز وجل حينما أثنى على المؤمنين، قال الله تعالى: « قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ » {المؤمنون:1-2}
ومن آداب العبودية أن يرجع العبد إلى ربه في كل ما يريد ، وهذا من تمام العبودية لله عز وجل سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ماذا سأل الله، قال رب أرني أنظر إليك فهذا من الأسئلة النفيسة من أرقى الأسئلة، ولما جاع قال: « إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ »
وهذا دليل على أن العبد يجب أن يسأل ربه كل شيء سيدنا علي رضي الله عنه يقول: " لستَ مطالباً بطلب الرزق ولكنك أمرت بطلب الجنة " فما الذي فعلته، تركت ما أمرت بطلبه وطلبت ما أُمرت بتركه هذه مشكلة الناس، والله سبحانه وتعالى ضمن لهم الرزق بأدلةٍ كثيرة قال الله تعالى: « إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » {الذريات:58} ، « اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» {الروم:40}
« وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » {الأنعام:151}
« وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً » {الإسراء:31}
أدلة كثيرة.. قال الله تعالى: « وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ » {الذاريات:22-23}
إذاً ربنا سبحانه وتعالى طمأننا بأنه تكفل لنا رزقنا، ومع ذلك يجهد الناس ويبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل من أجل الرزق (خلقت السماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهن أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين، لي عليك فريضة ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك ) .. تكّفل لنا بالرزق وأمرنا أن نسعى للدار الآخرة، فقال: « وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى » {النجم:39}
ما الذي يحصل، إن الذي كُلِّفت في طلبه توانيت في طلبه والذي ضمنه لك سعيت إليه إذاً أَقبلوا على ما كُلِّفتم ودعوا ما ضُمِن لكم، سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام يَقول فيما تروي بعض الكتب: " لا تغتمُّوا لبطونكم ".
قال بعض العلماء: " الرازق من غذّى نفوس الأبدان بتوفيقه، وحلى قلوب الأخيار بتصديقه "، دائماً الرزق رزقان رزق الأبدان ورزق النفوس  وقال عليه الصلاة والسلام: ( إذا أحرزت النفس قوتها اطمأنت ) وبعض العلماء فسر القوت برزق الأرواح، يعني إذا صليت صلاةً وأعجبتك، إذا صليت وبكيت إذا قرأت القرآن وخشع قلبك تطمئن فمعناها أنك قريب من الله عز وجل، وأن هناك حياة ونبض، وأن هناك شيئاً من الإخلاص حتى خشعت . إذاً إذا أحرزتِ النفس قوتها اطمأنت، بالمعنى الأول والمعنى الثاني قال بعض العلماء: " الرزاق من خص الأغنياء بوجود الرزق "، ترى الغنيَّ أنَّ  المال بين يديه كثير، يأكل ما يشتهي يشتري أجمل بيت يقتني أجمل أثاث، يذهب إلى أي مكان يشاء، يختار أجمل مركبة، يختار أجمل الثياب يختار أجمل المصايف. قال: "الرزاق هو الذي خص الأغنياء بوجود الرزق وخص الفقراء المؤمنين بشهود الرزاق ".
- شيء آخر عن الرزق، الزرق أيها الإخوة في أدق تعاريفه هو ما يُنتَفع به: المال ينتفع به، العلم ينتفع به، الخلق ينتفع به، شعور القلب بالطمأنينة ينتفع به، في أدق تعاريف الرزق، الرزق ما ينتفع به. جاء رجل إلى حاتم الأصم، فقال من أين تأكل، فقال من خزائنه فقال الرجل أيلقي الله عليك الخبز من السماء، فما هذا الكلام، قال: " لو لم تكن الأرض له لألقى علي من السماء الخبز، يرزقني من الأرض الشيء الدقيق أنك إذا علمت أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين أفردته بالقصد، الناس أحياناً يتجهون إلى زيد إلى عبيد إلى فلان إلى هذه الجهة يطمعون ليأخذوا، ولكن إذا علمت أن الله وحده هو الرزاق تفرده بالقصد ولا تسأل أحداً سواه، تكسب العزة والكرامة والطمأنينة والحظوة عند الله عز وجل . قيل لإنسان آخر من أين تأكل قيل من خزائن مَلِكِ لا تدخلها اللصوص ولا يأكلها السوس، خزائن الله عز وجل مفتوحة وخزائنه مملوءة وخزائنه فيها كل شيء، والدليل. قوله تعالى: « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ » {الحجر:21}
من أسخف النظريات أن يقول الإنسان إن موارد الأرض تشح، إن الأرض مهددة بمجاعة، إن ازدياد السكان ازدياد هندسي، " مالتوس" يقول الانفجار السكاني سيوقع الناس بمجاعة كبيرة، هذه كلها كلمات من لا يعرف الله عز وجل، لأن كل تقنين أو تقتير أو تقليل في الرزق هو تقليل وتقنين من نوع التأديب لا من نوع العجز، والإنسان وحده إذا قنَّن فعن عجز أما الإله إذا قنن فلغاية التأديب فقط فمن الأخطاء الشائعة أخطاء في التوحيد، يقولون فلان معيل، أي عنده عائلة كبيرة، والصواب فلان مُعال وليس مُعيل، المُعيل هو الله عز وجل، والناس كلهم على مائدة الرحمن.
كما قلت قبل قليل إن الله عز وجل خص الأغنياء بوجود الأرزاق وخص الفقراء بشهود الرزاق، فمن شهد الرزاق ما ضره ما فاته من الأرزاق، من علامة المؤمن أنه إذا عرف الله ووصل إليه ما تألم على شيء فاته من الدنيا قط إذا تألمتَ ألماً شديداً وإذا احترق القلب حرقة لاذعة على شيء فاتك من الدنيا فهذه علامة أنك لا تعرف الله وأنك ما وصلت إليه، فلو وصلت إليه لما تألمت ولما حزنت على شيء فاتك من الدنيا إطلاقاً، إن معظم الأمراض اليوم أمراض القلب والشرايين أمراض المعدة وأمراض الأعصاب وأمراض الأوعية، هذه الأمراض أكثرها بسبب الآلام والندم، دائماً يتألم ، أما إذا شهدت الرزاق ما ضرك ما فاتك من الأرزاق.
قال بعض العلماء: " كما أن الله لا شريك له في خلقه، لا شريك له في رزقه، كما أنه لا إله إلا الله، أيضاً لا رازق إلا الله يقولون دائماً إذا أعطى أدهش ترى إنساناً ذكياً جداً رزقه قليل وقد تجد إنسان في منتهى البساطة والسذاجة رزقه وفير، فمعناها الرزق له عامل آخر غير عامل الذكاء وعامل السعي، لكن تأكدوا أن للرزق علاقةً بالاستقامة، العوام يفهمون أن هذا الرزق مكتوب ولا حيلة لأحد في كسبه ودفعه، هذا الكلام صحيح من جانب واحد، فالله يقول: « وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً » {الجن:16} ، « وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ » {الأعراف:96} ( قد يحرم المرء بعض الرزق في المعصية )
« وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ » {الشورى:27}
الفكرة خطيرة وهامة جداً، التقنين تقنين تأديب لا تقنين عجز، أو الأصح من ذلك التقنين تقنين حكمة لا تقنين حاجة يروى في بعض الكتب أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، سأل الله في مناجاته، قال يا رب إني تعرض لي الحاجة الصغيرة أحياناً، أفأسألها منك أم أطلبها من غيرك؟ فأوحى الله تعالى إليه، لا تسل غيري، وأرقى أنواع الشكوى أن لا تشتكي.. « قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ » {يوسف:86}
بعضهم تسمو هممهم فلا يطلبون من الله إلا الحوائج النفيسة يقولون يا رب ارزقني الجنة، يا رب ارزقني أن أعرفك، يا رب لا تمتني قبل أن ترضى عني دائماً طلباتهم متعلقة بالجنة والمعرفة وفهم القرآن وإتمام التفسير. وهناك أشخاص يقولون يا رب يخرج المستأجر من داري، يا رب.. فناس يطلبون أشياء نفيسة وناس يطلبون أشياء خسيسة، هذا اجتهاد، هناك من يقول " لا أطلب من مولاي غير مولاي، وأما الحقير أطلبه من الحقير " أي لا أطلب من الله إلا الله، وإذا كان شيء حقير أطلبه من إنسان عادي. يُحكى أن امرأة يحيى بن معاذ قالت ليحيى لقد رأيت العجب العجاب إن بنيتي طلبت مني شيئاً تأكله مع الخبز، فقلت لها سلي من الله قالت ابنتها " إني أستحي من الله أن أسأله ما آكل " هذا اجتهاد آخر، لك أن تأخذ بالأول أو بالثاني، ولكن الحديث الشريف: (عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمِلْحَ وَحَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ )
- إن الله عز وجل يرزق الأرواح والسرائر كما يرزق الأشباح والظواهر، أؤكد لك إذا أنت صليت صلاة صحيحة، أو إذا أكرمك الله بالحج مثلاً، وقف في عرفات وبكى حتى انتشى، يبقى أحياناً شهراً في نشوة هذا البكاء، أو هذا القرب أو هذه الرحمة، إذا صلى فرض صلاة وشعر أن هذه الصلاة جيدة، هذه الصلاة التي أرادها الله عز وجل شعر بخشوع فتح الله عليه في فهم ما تلا من قرآن، هذه أرزاق، إذا صام رمضان صياماً مقبولاً وشعر أن صيامه كان صحيحاً، ليس فيه معاصيٍ، كان منيباً إلى الله فيه، وصلى التراويح بنشاط يقول لي بعض الإخوة الأكارم لو كان التراويح خمسين ركعة نحن في سرور طبعاً صيامه صحيح مستقيم أثناء النهار، أكل قليلاً، نام قليلاً عصراً، جاء إلى التراويح نشيط. قال إن الله يرزق الأرواح والسرائر كما يرزق الأشباح والظواهر وأرزاق القلوب الكشوفات والمعاني كما أن أرزاق الأجساد الغذاء والأحاظي، جمع حَظوةً الكشوفات أي أن المؤمن يرى مالا يرى الآخرون عنده رؤيا، عنده شعور يعرف جوهر الحياة، يعرف أين كان وإلى أين المصير، يعرف أثمن ما في الحياة. أحياناً الإنسان يضيع وقته بأشياء تافهة وأحياناً يمضي وقته بأشياء ثمينة، وهذا أيضاً رزق، هناك نقطة ثانية، وهي عكس الرزق، فكما أن الله عز وجل يضيق على العبد رزقه، قال الله تعالى: « فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ* كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً » {الفجر:15-20}
تراه ذكياً، يحمل شهادة عليا ودخله قليل، ليس له وظيفة ولا عمل هذا بتقدير الله عز وجل، فكما أن الله عز وجل، يضيّق على العبد رزقه المادي أحياناً يضيق عليه رزقه الروحي، يصلي صلاة لا معنى لها جوفاء ليس فيها خشوع، يشرد في الصلاة، قال لي شخص، إذا كنت غلطان بالمحاسبة لا أذكرها إلا في الصلاة، هناك أمر غير مسجل يصلي فيلقاها في الصلاة، قال لي بالصلاة كل المشكلات تأتي إلى خاطري، معناها هناك سد، كما أن الله عز وجل يضيق على العبد رزقه المادي أحياناً يضيق عليه رزقه الروحي، هذا التضييق له تفسيران، الأول أن هناك معصية هناك مخالفة هناك تقصير هناك حقوق لم تؤدِها، هذا الحجاب، كل معصية لها حجاب، وهناك تفسير آخر، قد تكون مستقيماً على أمر الله لكن هذا التضييق سببه التعطيش وصلتَ لمرتبة أنت راغب بأن تبقى فيها، والله عز وجل أراد لك أن ترتقي عن هذه المرتبة، فكيف تنتقل من مرتبة إلى مرتبة، يحجب الله عنك الأحوال والمواجيد والتجليات، تضج تقلق، تخاف تشمر وتعمل الصالحات، تصعد درجة، تعيش فيها فترة لا بأس بها ثم تألفها وترضى بها، لكن الله لا يرضى لك هذه الحالة المستمر، يحجب عنك الأحوال، فلا صلاتك صلاة ولا ذكرك ذكر ولا تلاوتك تلاوة، قلب متصحّر، مالٌ فيه ضيق واشمئزاز.. هو مستقيم، ولكن لا يوجد أحوال ولا سرور ولا تجليّات ولا مشكلة تنطلق إلى العمل الصالح فترفع مستوى عملك الصالح فتقفز قفزة إلى أن تبلغ أعلى درجة أرادها الله لك بهذه الطريقة، إذاً هذا تفسير قد يضيق الله على عبده رزق الأرواح.
قال الحسن البصري: إذا تلوت القرآن وذكرتَ الله عز وجل وصليت ولم تجد شيئاً فاعلم أنك محجوب، قال الله تعالى: « كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ » {المطففين:15}
ذاك حجاب الآخرة، ولكن في الدنيا حجاب، إذا شعرت أنك محجوب انتبه وابحث عن السبب، لعلك مقصر لعلك معتَدٌّ بنفسك لعلك مستغنٍ عن الله لعلك وقع في نفسك سوء ظن بالله وأنت لا تدري لعلك وقعت في سوء ظن بالنبي عليه الصلاة والسلام وأنت لا تدري، فإذا شعرت أن بينك وبين الله
حجاب فابحث عن السبب وإياك أن يزداد الحجاب، والحجاب يرق ويثخن فإذا كان الحجاب كثيفاً فالمشكلة خطيرة جداً، كما قال سيدنا عمر: " تعاهد قلبك "، يعني راقب قلبك راقب أحوالك راقب طمأنينتك
- إذاً الرزاق هو الله عز وجل، والآن ما علاقتنا بهذا الاسم، وهذه مهمة جداً أول شيء أن ترضى بقسمة الرزاق بِدأً من أمك وأبيك أنت ابن فلان وفلانة هذا تقدير الله عز وجل.. يجب أن ترضى بوالديك لأن هذا منتهى الحكمة ويجب أن ترضى بشكلك، فالله أقامك بهذا الشكل، طول زائد، قصر، وسامة دمامة صحة، ضعف، هكذا أقامك الله، فإذا اعترضت على الله فلست مؤمناً يجب أن ترضى عن اختيار الله لك من أي رجل وامرأة كان وجودك وبأي شكل كان وجودك، وعن رزقك ... هذا يعني أن ترضى عن رزق الله لك، والمعنى الثاني أن تجعل يدك على مالك وأن تجعل مالك خزانة ربك، يدك على المال يد الأمانة لا يد الملك، قال الله تعالى: « وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً » {الفرقان:67}
إذاً أول معنى من معاني الرزق أن ترضى بما قسمه الله لك، وإذا رضيت بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس، المعنى الثاني أن تجعل مالك مال ربك وأنت عليه أمين ولستَ مالكاً

~ من موسوعة أسماء الله الحُسنى للدكتور محمد راتب النابلسي بتصرّف
التالي : اسم الله تعالى  ** الفتّاح **



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

author
زاد الروح
رسالة الوعي والتفكّر لا حدود لها وهاهنا بعضُ زادٍ منها لنمضي في طريق الوعي الفكري والعلم . مرحبا بكم في « زاد الرّوح » أحد مواقع بوابة يوتوبيا لتطوير الذات وتنمية الشخصية