الاثنين، 27 يونيو 2016

الحكم العطائية ( الحكم 81 - 90 )

الحكم العطائية ( الحكم 81 - 90 ) ابن عطـاء الله السّـكندري



• • الحكمة الحادية والثمانون :
« العارفون إذا بسطوا أخوف منهم إذا قبضوا، ولا يقف على حدود الأدب في البسط إلا قليل»
- يعني : أن العارفين في مقام البسط أكثر خوفاً من أنفسهم في مقام القبض لأن البسط فيه مناسبة لهوى أنفسهم فيخافون حينئذ من الوقوع فيما تدعو إليه من التحدث بالأحوال والكرامات وربما كان في ذلك الطرد عن عليّ الدرجات، ولهذا تأكد عليهم مراعاة الأدب في هذا المقام الذي زلت فيه أقدام كثير من السادة الفخام . وأما القبض فهو أقرب إلى وجود السلامة


• • الحكمة الثانية والثمانون :
« البسط تأخذ الّنفس منه حظها بوجود الفرح، والقبض لا حظ للنفس فيه.»
- فإن النفس متى أخذت حظها من البسط لا تتمالك حتى تقع في سوء الأدب من التحدث بإدراك المقامات والحصول على خوارق العادات وغير ذلك مما هو مناف للعبودية بخلاف القبض فإنه لا حظ للنفس فيه بالكلية ولذا آثره العارفون على البسط كما قال بعضهم : القبض حق الحق منك والبسط حظك منه ولأن تكون بحق ربك خير من أن تكون بحظ نفسك


• • الحكمة الثالثة والثمانون :
« ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك»
- أي ربما أعطاك مولاك ما تميل إليه من الشهوات فمنعك التوفيق لعظيم القرب والطاعات. وربما منعك من شهواتك فأعطاك التوفيق الذي هو بغية السالك . وحينئذ فيجب على المريد ترك التدبير وتفويض الأمر إلى العليم الخبير . ولا ينظر لظاهر العطاء قبل أن ينكشف عنه الغطاء


• • الحكمة الرابعة والثمانون :
« متى فتح باب الفهم في المنع، عاد المنع عين العطاء »
- أي متى فتح لك مولاك باب الفهم عنه في المنع بأن فهمت أنه بمنعه أشهدك قهره وعرفت حكمته فيه عاد المنع أي صار عين العطاء. كما سيقول المصنف : متى أعطاك أشهدك بره ومتى منعك أشهدك قهره


• • الحكمة الخامسة والثمانون :
«الأكوان: ظاهرها غِرَّةٌ وباطنها عبرة، فالنفس تنظر إلى ظاهر غرتها، والقلب ينظر إلى باطن عبرتها»
- يعني : أن الأكوان بمعنى المكونات التي فيها حظ للنفس من متاع الدنيا وزهرتها . ظاهرها غِرَّةٌ - بكسر الغين المعجمة - أي سبب في الاغترار بها لحسنها وبهجتها وباطنها عبرة أي سبب في الاعتبار بها لقبحها وخستها . فالنفس تنظر إلى ظاهر غرتها أي إلى غرتها الظاهرة فتغتر بها حتى تهلك صاحبها. والقلب أي العقل ينظر إلى باطن عبرتها أي إلى عبرتها الباطنة فيعتبر بها ويسلم من شرها


• • الحكمة السادسة والثمانون :
« إن أردت أن يكون لك عزّ لا يفنى، فلا تستعزّن بعزّ يفنى »
- العزّ الذي لا يفنى هو الغنى عن الأسباب كلها بوجود مسبّبها فالتّعلق به سبحانه عزّ لا يفنى. وأمّا التعلّق بالأسباب مع الغيبة عن مسبّبها فهو العزّ الذي يفنى . وليس لك - أيها المريد - إلا أحدهما لأنّهما ضدّان لا يجتمعان . فإن اخترت التعلّق بمسبّب الأسباب فنعمت الحالة التي تكون عليها. وإن اخترت التعلّق بالأسباب خذلتك وأسلمتك أحوج ما تكون إليها

• • الحكمة السابعة والثمانون :
« الطي الحقيقي: أن تطوي مسافة الدنيا عنك، حتى ترى الآخرة أقرب إليك منك »
- يعني : أنّ الطيّ الحقيقي ليس هو أن تطوي مسافة الأرض حتى تكون من أهل الحظوة فإنّ ذلك ربما كان استدراجاً . وإنّما هو أن تطوي مسافة الدنيا عنك بأن لا تركن إليها بل تغيب عنها حتى ترى الآخرة أقرب إليك منك. فإنه متى أشرق نور اليقين في قلبك تنعدم الدنيا في نظرك وترى الآخرة حاضرة لديك. ومتى شاهدت أن ذاتك فانية فإنك ترى الآخرة أقرب إليك منك بهذا الاعتبار. ومن كانت هذه مشاهدته فلا يتصور منه حب الغائب الفاني وهو الدنيا واستبداله بالحاضر الباقي وهو الآخرة . ولذلك كان أصل الرغبة في الدنيا وإيثارها على الآخرة ضعف اليقين

• • الحكمة الثامنة والثمانون :
« العطاء من الخلق حرمان، والمنع من الله إحسان »
- يعني: أن العطاء من الخلق مع الغفلة عن الحق حرمان في نفس الأمر لأنه يوجب حبهم والتعلق بهم وصرف الوقت في مكافأتهم وذلك يوجب ذهول القلب عن الحق فيفوته من المعارف ما لا يحصى وأي حرمان أعظم من ذلك. والمنع من الله إحسان في الحقيقة لاقتضائه الالتجاء إليه ودوام وقوف السائل بين يديه وذلك عبودية و أي إحسان أعظم من التوفيق لها


• • الحكمة التاسعة والثمانون :
« جلّ ربّنا أن يعامله العبد نقدا، فيجازيه نسيئة »
- أي تعالى ربّنا عن أن يعامله العبد بالعمل الصالح نقداً أي معاملة ناجزة فيجازيه نسيئة أي مجازاة مؤجلة فإن جزاء المعاملة لا يختص بالدار الآخرة بل ربما أظهر الحق تعالى منه لبعض أولياءه أنموذجا يحملهم على الاجتهاد في الأعمال ومن أعظم المعجل مجازاته على الحسنة بالتوفيق لحسنة أخرى وبالحفظ من معصية يكون العبد بصددها ومن ذلك الحفظ من الآفات والمكاره

• • الحكمة التسعون :
« كفى من جزائه إياك على الطاعة: أن رضيك لها أهلا »
- أي كفى من مجازاته سبحانه لك على الطاعة أن رضيك - أيها العبد - الضعيف أهلا لها فإن خدمة ملك الملوك مما تتطاول إليها الأعناق، فكونه رضيك لها من أعظم النّعم التي امتن بها عليك الكريم الخلاق

• •   • •   • •   • •








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

author
زاد الروح
رسالة الوعي والتفكّر لا حدود لها وهاهنا بعضُ زادٍ منها لنمضي في طريق الوعي الفكري والعلم . مرحبا بكم في « زاد الرّوح » أحد مواقع بوابة يوتوبيا لتطوير الذات وتنمية الشخصية