الجمعة، 24 يونيو 2016

لا تحزن (2)

لا تحــــزن 
(2) 



•  فكّر واشكر .. أن تذكر نِعم اللهِ عليك فإذا هي تغْمُرُك منْ فوقِك ومن تحتِ قدميْك « وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا »
صِحَّةٌ في بدنٍ ، أمنٌ في وطن ، غذاءٌ وكساءٌ ، وهواءٌ وماءٌ لديك الدنيا وأنت ما تشعرُ ، تملكُ الحياةً وأنت لا تعلمُ « وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً »
إنك في نِعمٍ عميمةٍ وأفضالٍ جسيمةٍ ، ولكنك لا تدريْ ، تعيشُ مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً ، وعندك الخبزُ الدافئُ ، والماءُ الباردُ ، والنومُ الهانئُ والعافيةُ الوارفةُ ، تتفكرُ في المفقودِ ولا تشكرُ الموجود تنزعجُ من خسارةٍ ماليَّةٍ وعندك مفتاحُ السعادة، وقناطيرُ مقنطرةٌ من الخيرِ والمواهبِ والنعمِ والأشياءِ ..
فكّرْ واشكرْ « وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ »
فكّرْ في نفسك، وأهلِك، وبيتك، وعملِك، وعافيتِك، وأصدقائِك، والدنيا من حولِك

•  الإحسانُ إلى الآخرين إنشراحٌ للصّدر .. الجميلُ كاسمِهِ ، والمعروفُ كرسمِهِ ، والخيرُ كطعمِهِ .. أولُ المستفيدين من إسعادِ النَّاسِ همُ المتفضِّلون بهذا الإسعادِ يجنون ثمرتهُ عاجلاً في نفوسهِمْ ، وأخلاقِهم ، وضمائِرِهِم .. فيجدون الانشراح والانبساط ، والهدوء والسكينة فإذا طاف بك طائفٌ من همٍّ أو ألمِّ بك غمٌّ فامنحْ غيرك معروفاً وأسدِ لهُ جميلاً تجدِ الفرج والرَّاحة. أعطِ محروماً ، انصر مظلوماً ، أنقِذْ مكروباً ، أطعمْ جائعاً ، عِدْ مريضاً ، أعنْ منكوباً .. تجدِ السعادة تغمرُك من بين يديْك ومنْ خلفِك

•  اطرد الفراغ بالعمل .. إنَّ أخطر حالات الذهنِ يوم يفرغُ صاحبُه من العملِ يوم تجدُ في حياتك فراغاً فتهيَّأ حينها للهمِّ والغمِّ والفزعِ ، لأن هذا الفراغ يسحبُ لك كلَّ ملفَّاتِ الماضي والحاضرِ والمستقبلِ من أدراج الحياةِ فيجعلك في أمرٍ مريجٍ الراحةُ غفلةٌ ، والفراغُ لِصٌّ محترِفٌ ، وعقلك هو فريسةٌ ممزَّقةٌ لهذه الحروبِ الوهميَّة.. إذاً قم الآن صلِّ أو اقرأ ، أو سبِّحْ ، أو طالعْ أو اكتبْ ، أو رتِّب مكتبك ، أو أصلح بيتك ، أو انفعْ غيرك حتى تقضي على الفراغِ
اذبحْ الفراغ بسكينِ العملِ، ويضمن لك أطباءُ العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراءِ الطارئِ فحسب ..

•  قضاء وقدر .. « مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا »، جفَّ القلمُ، رُفعتِ الصحفُ، قضي الأمرُ، كتبت المقادير
" قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا "، ما أصابك لم يكنْ لِيُخطئِك وما أخطأكَ لم يكنْ لِيُصيِبك
إنّ هذه العقيدة إذا رسختْ في نفسك وقرَّت في ضميرِك صارتْ البليةُ عطيةً ، والمِحْنةُ مِنْحةً ، وكلُّ الوقائع جوائز وأوسمةً " ومن يُرِدِ اللهُ به خيراً يُصِبْ منه "
إذاً فليهدأ بالُك إذا فعلت الأسباب ، وبذلت الحِيل ، ثم وقع ما كنت تحذرُ فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ، ولا تقُلْ " لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قُلْ : قدَّر اللهُ وما شاء فعلْ "..

•  « إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً » .. يا إنسانُ بعد الجوع شبعٌ ، وبعْدَ الظَّمأ ريٌّ ، وبعْدَ السَّهرِ نوْمٌ وبعْدَ المرض عافيةٌ ، سوف يصلُ الغائبُ ، ويهتدي الضالُّ ، ويُفكُّ العاني وينقشعُ الظلامُ « فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ »
إذا رأيت الصحراء تمتدُّ وتمتدُّ ، فاعلم أنَّ وراءها رياضاً خضراء وارفةّ الظِّلالِ إذا رأيت الحِبْل يشتدُّ ويشتدُّ ، فاعلمْ أنه سوف يَنْقطُعِ مع الدمعةِ بسمةٌ ، ومع الخوفِ أمْنٌ ، ومع الفَزَعِ سكينةٌ النارُ لا تحرقُ إبراهيم الخليلِ ، لأنَّ الرعايةَ الربانيَّة فَتَحتْ نَافِذَةَ « بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ »
البحرُ لا يُغْرِقُ كَلِيمَ الرَّحْمَنِ ، لأنَّ الصَّوْتَ القويَّ الصادق نَطَقَ بـ « كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ »
المعصومُ في الغارِ بشَّرَ صاحِبهُ بأنه وحْدَهْ جلَّ في عُلاهُ معنا فنزل الأمْنُ والفتُح والسكينة
إذاً فلا تضِقْ ذرعاً فمن المُحالِ دوامُ الحالِ ، وأفضلُ العبادِة انتظارُ الفرجِ وإن مع العُسْرِ يُسْراً ، إن مع العُسْرِ يُسْراً .



~ من كتاب لا تحزن .. للدكتور عائض القرني بتصرّف

• • • 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

author
زاد الروح
رسالة الوعي والتفكّر لا حدود لها وهاهنا بعضُ زادٍ منها لنمضي في طريق الوعي الفكري والعلم . مرحبا بكم في « زاد الرّوح » أحد مواقع بوابة يوتوبيا لتطوير الذات وتنمية الشخصية