هو الله الّذي لا إله إلا هو ** السّلام
**
- هذا
الاسم أساسه اللغوي السلامة ومعنى السلامة أي أن ذاته جل جلاله سلمت من كل عيب وسلمت صفاته من كل نقص وسلمت
أفعاله عن الشر. إذاً أفعال الله ذاته
منزهة عن كل عيب، صفاته منزهة عن كل نقص، أفعاله منزهة عن الشر
المطلق، حينما توقع الشر لذات الشر فهذا شر مطلق.
يجب أن تعتقدوا ويجب أن تؤمنوا أنه ليس في الكون كله شر مطلق. أما هناك شرور لا يعلمها إلا الله؟ لكن هذه الشرور لا بد منها من أجل إحداث النتائج الطيبة، خلق الإنسان ليسعد إلى الأبد فإذا انحرف عن هدفه فلا بد من تصحيح مساره، لا بد من معالجته، لا بد من دفعه، لا بد من ردعه، لا بد من فعل شيء يدفعه إلى هدفه النبيل، فالذي يؤمن بأن هناك شرور إنما تقع لذاتها فهذا لا يعرف الله أبدا، لقول الله عز وجل:
« قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » {آل عمران: 26}
إذاً الشر المطلق لا وجود له في الكون، وما أصاب من مصيبة فبما كسبت أيديكم. وكلما كان الانحراف أشد كان العلاج أقصى.
- شيء آخر، هذا أول تعريف جل جلاله من أسمائه السلام، سلمت ذاته من العيوب وسلمت صفاته من النقص وسلمت أفعاله من الشر المطلق
إنّ كل شر تراه أعينكم هو شر موظف لمصلحة الإنسان البعيدة لا القريبة مثال للمصلحة القريبة: شر قد يُفقِد الإنسان ماله كله وقد أصيب بمرض عضال، فذهب المال في العلاج فهذا الفقد للمال وهذا المرض العضال في نظر صاحبه شر خطير. ولكن حينما يخلق الإنسان لسعادة أبدية ويكون هذا العلاج في خدمة عودته إلى الله عز وجل وأنفق المال لهذه الغاية النبيلة فهذا هو الخير البعيد.
- المعنى الثاني من أسماء الله أنه سلام أي ذو السلامة لعباده ليس في الوجود كله سلامة إلا معزوّة إليه.
الله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان، في عظامه، من الداخل أعصاباً حسية بالغة الحساسية لماذا ؟ لماذا في نِقْيِ العظام أعصاب حس ليس لها معنى، فإذا كسر العظم تُبقي العظم على حالته لأن إبقاؤه على حالته هو ثلاثة أرباع العلاج، فجعل الله في نقي العظام ذلك العصب الحسي البالغ الحساسية من أجل سلامتك لأن اسمه السلام. من أجل سلامتك. إذاً هذا يجسد اسم الله السلام.
- العلماء قالوا: إن سلام ذاته من العيوب والآفات فهذا الاسم من صفات التنزيه و سلامه على أوليائه فهذا الاسم من أسماء الذات فإن أعطى السلامة للمؤمنين فهذا من صفات الأفعال،وسلامه إذاً إما من صفات التنزيه وإما من صفات الذات وإما من صفات الأفعال.
- من معاني هذا الاسم أن ذكر الله عز وجل يورث الأمن والطمأنينة والسلامة والدليل قوله تعالى:
« أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » {الرّعد: 28}
في القلب وحشة، في القلب خوف، في القلب قلق لا يسكن هذا القلق ولا تسكن هذه الوحشة ولا يأنس إلا بذكر الله، ابحثوا عن كل شيء ليس في الأرض كلها شيء يمنحكم سعادة إلا أن تذكروا الله.
إن القلوب لتصدأ صدأ الحديد، قيل: وما جلاؤها ؟ قال: ذكر الله وتلاوة القرآن البعيدون عن الله عز وجل يأكل قلوبهم الخوف، يختل توازنهم ينسحقون لأنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به عليهم سلطاناً فألقى الله في قلوبهم الرعب، أما علامة المؤمن فهو مطمئن.
إذاً من أسماء الله السلام إذا ذكرته يمنحك السلام، إذا ذكرته يمنحك الاطمئنان، إذا ذكرته تشعر بالقرب منه إذا ذكرته تشعر أنه يدافع عنك وأنك في رعايته وفي حفظه وفي تأييده وفي توفيقه وفي رعايته يدافع عنك
- من معاني اسم السلام أنك إذا اتصلت بالله عز وجل طهرت نفسك من العيوب وهنا ندخل في معانٍ دقيقة، وأول معنى أنّ ذاته جل جلاله تنزهت عن كل عيب وصفاته تنزهت عن كل نقص وأفعاله تنزهت عن كل شر أي شر ؟ هذا الشر المطلق أما الشر الهادف ؟ فهذا علاج والعلاج دائما مر من المعاني الأخرى: أنه ذو سلامة أي يمنح السلامة لعباده إما في خلقهم كما تحدثنا قبل قليل وإما في نفوسهم فذكر الله يورث الأمن والطمأنينة والسلامة.
- الاتصال بالله ينقي النفس من عيوبها من البخل من الشح من الحقد من الضغينة من الحسد من الكبر هذه الصفات الذميمة التي يشقى بها الإنسان إذا اتصلْتَ بالله عز وجل تتنزه أنت عنها، إذاً هو ذو سلام في جسمك أعطاك أعضاء وأجهزة وأعطاك خلايا وأنسجة ودقة بالغة في جهازك
العظمي والعصبي والعضلي والدوران والشرايين والأوردة وإذا كنت خائفا وذكرته بث في قلبك السلام فإذا اتصلت به طهرك من كل العيوب والنقائص جعلك طاهر النفس من أسمائه السلام.
- شيء آخر: الله سبحانه وتعالى يهدي عباده سبل السلام، كل إنسان له بيت وأسرة فممكن أن يكون في بيته شقاق فيه ضغينة فيه حقد فيه مشاجرة فيه نفور، فإذا اتبعت توجيهات القرآن الكريم ومنهج النبي يهديك الله سبل السلام في بيتك فترى البيت وديعاً فيه طمأنينة فيه راحة نفسية فيه مودة فيه مؤاثرة فيه محبة لأنك اتبعت ما جاء به النبي إذا دخلت إلى بيتك فسلم على أهلك بقولك السلام عليكم فيذهب الشيطان إنّ الشيطان كما قلت لكم سابقا يدخل بيتا فإذا دخل صاحب البيت ولم يسلم قال لإخوانه: أدركنا المبيت، فيكون طوال هذه الليلة مشاكل، فإذا جلسوا إلى الطعام ولم يسموا الله قال: أدركنا العشاء، فإذا دخل صاحب البيت فلم يسلم وجلس إلى الطعام ولم يُسَمّ اللهَ قال الشيطان لإخوانه:
أدركنا المبيت والعشاء في هذا البيت، وبعد اللهُ السلامُ يهديهم سبل السلام فقد أمرك أن تختار المرأة الصالحة فلما اخترتها لأنها صالحة سعدت بها وأسعدتها فإذا آثرت الجمال على الصلاح شقيت بك وشقيت بها، طبعا آثرت الجمال وحده، إنّ الجمال مطلوب ولكنك إن آثرته وحده على صلاحها أو على دينها شقيت بجمالها.
- بعملك: إذا أنت تعاملت بالربى وتراكبت عليك ديون ضخمة وظهرت المشكلات وتوقف البيع فجأة وعليك سندات فأفلست، لو أنك اتبعت السنة النبوية وأمر الله عز وجل لما وقعت في مشكلة في دخلك.
إذاً في تجارتك يهديك سبل السلام في زواجك يهديك سبل السلام في علاقاتك بجيرانك يهديك سبل السلام هذا معنى السلام، فأنت إذا طبقت القرآن الكريم أوصلك في كل موضوع في كل حقل وفي كل جانب إلى السلام والله يدعو إلى دار السلام وهي الجنة، فالسلام مريح جدا فإنك
تعيش في طمأنينة وتعيش براحة وتحس أن الله خالق الكون معك لا يتخلى عنك ولا يسلمك إلى عدوك يدافع عنك ويحفظك ويؤيدك وينصرك لكنك دفعت الثمن قال تعالى:
« وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ » {المائدة: 12}
- وبعد، فما واجب المؤمن بالنسبة لهذا الاسم ؟ المؤمن الحق من سلم من المخالفات الشرعية سرا وعلنا، وبرئ من العيوب ظاهرا وباطنا قال الله عز وجل: « وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ » {الانعام: 120}
ومن كان سليما من الذنوب بريء من العيوب ولتكن على هذا النحو علاقتنا باسم السلام، ليتحقق لنا معنى الآية الكريمة: « يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» {الشعراء: 88-89}
الآن هذا واجب المؤمن من حيث اسم السلام أما ما حقه على الله
- أي عبد طبق أمر الله عز وجل وأقبل عليه فحق المؤمن على الله أن يسلّمه. من ماذا ؟ قال: أن يسلمه في الدنيا من المؤذيات وأن ينيله ما فيها من الخيرات لك عند الله حق، هناك مصائب خطيرة جدا و أنت مؤمن والمؤمن حساس وربنا عز وجل بعلاج لطيف بينك وبينه ينبهك، ويكف عنك العذاب المهين العذاب الأليم العذاب العظيم كما يدفع فقراً يكاد يكون كفرا أو شقاقاً
أو خيانة زوجية أو قتلاً، فالمؤمن حينما يستقيم على أمر الله يسلمه من المؤذيات وينيله من الخيرات.
الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة. زوجته صالحة، أولاده أبراررزقه في بلده سمعته طيبة نظيفة وأخلاقه عالية محمود السيرة ومحبوب هذه من ثمرات الاستقامة، الله عز وجل اسمه السلام يسلمك من المؤذيات ويمنحك الخيرات هذه سلامة الدنيا.
- فما سلامة الدين ؟ اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا سلامة الدين في ثلاثة مقامات، في مقام الشريعة ومقام الطريقة ومقام الحقيقة.
في مقام الشريعة يسلم عقلك من البدع والشبهات ويسلم قلبك من الهوى والشهوات، لا يوجد في عقلك بدع ولا أغلاط كبيرة لا عقيدة زائغة ولا عقيدة فاسدة يسلم عقلك من البدع والشبهات ويسلّم نفسك من الشهوات ومن الهوى
وأما في مقام الطريقة فعقله أمير على شهوته وعلى غضبه وليس أسيراً لهما. عقله هو الأمير ينقاد هواه لعقله ولا ينقاد عقله لهواه هذا سلامُة في مقام الطريقة.
وأما سلامتك في مقام الحقيقة فلا تلتفت إلا إلى الله لذلك: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ..
~ من موسوعة أسماء الله الحُسنى للدكتور محمد راتب النابلسي بتصرّف
التالي : اسم الله تعالى ** المؤمن**
• • • • • • • •
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق