السبت، 25 يونيو 2016

موسوعة أسماء الله الحسنى ( الغفار )

هو الله الّذي لا إله إلا هو ** الغفّار **



- هذا الاسم ورد في القرآن الكريم في صيغ ثلاث: الصّيغة الأولى على صيغة غافر قال تعالى: « غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ » {غافر: 3}
وورد أيضا على صيغة ثانية وهي الغفور، غافر وغفور قال تعالى: « وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً » {الكهف: 58}
الصيغة الثالثة وردت غفّار على وزن فعّال قال تعالى: « وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى » {طه:82}
وقال تعالى: « فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً » {نوح : 10-12}
ألا هو العزيز الغفار، غافر وغفور وغفار وردت هذه الأسماء كلها في القرآن الكريم، هذه الأسماء كلها مشتقة من مصدر واحد وهو المغفرة
قال بعض العلماء: " الإنسان إذا عصى الله عز وجل وصف في القرآن بأنه ظالم ووصف في القرآن بأنه ظلوم وبأنه ظلام "فقال تعالى: « ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ » {فاطر:32}
وقال تعالى: « إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً » {الأحزاب:72}
وقال تعالى: « قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً » {الزمر:53} 
« إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » فالمسرف ظلاَّم على صيغة المبالغة، فإذا كان العبد ظالما فالله غافر وإذا
كان ظلوما فالله غفور وإذا كان ظلاما فالله سبحانه وتعالى غفار، بأية صفة أتى بها العبد المعصية فهناك اسم لله عز وجل يقابل هذه المعصية.
النقطة الدقيقة في هذا الاسم أن صفات الإنسان متناهية، معنى متناهية: الإنسان فعل هذا الذنب ذنب له حجم، فعل هذه المعصية أخذ هذا المبلغ ارتكب هذه المخالفة مهما تكن المعاصي والذنوب فإنها متناهية تنتهي عند حد لكن مغفرة الله عز وجل ليست متناهية لا حدود لها وغير المتناهي يغلب المتناهي، إذا لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الكفور لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الجهول لا يقنط من رحمة الله عز وجل إلا الجحود.
إذا كان ذنبك متناهياً ومغفرة الله عز وجل ليست متناهية فمن الغباء والحمق والجهل والجحود وقلة العلم أن تيأس من رحمة الله، لذلك اليائس كافر اليائس جاهل اليائس جاحد
شيء آخر في هذا الاسم أن الآيات التي وردت في هذا الإسم وردت مرة على صيغة الماضي قال تعالى: « قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ » {ص:23-24}
ومرّت أيضا على صيغة الفعل المضارع قال تعالى: « إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً» {النساء :48}
« وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ » {آل عمران :135}
ووردت بصيغة الأمر، قال تعالى: « رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ » {آل عمران :193}
ووردت بصيغة المصدر قال تعالى: « آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ » {البقرة :285}
« وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ » {الرعد :6}
أي يغفر لك ما مضى ويغفر لك الآن ويغفر لك في المستقبل وهو ذو مغفرة بأي زمن شئت هو غفار، لأي ذنب فعلت هو غفار، إن كان الإنسان ظالما فالله غافر وإن كان ظلوما فالله غفور وإن كان ظلاما فالله عز وجل غفار وإن فعل الذنب في الماضي غفر الله له وإن فعله الآن يغفر الله له وما سيفعل من ذنب في المستقبل فإن الله عز وجل يغفر بعد الدعاء بأي شكل بأي زمن فإن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم
ولكن أيها الأخوة الأكارم: إذا توهم أحدكم أن غافراً اسم فاعل أما غفور صيغة مبالغة لاسم الفاعل أما غفار صيغة مبالغة المبالغة لاسم الفاعل الحقيقة هي أن أسماء الله عز وجل لا تتفاوت أبدا..
إذاً كيف جاء هذا الاسم على هذه الصيغ ؟ هنا السؤال. صيغة المبالغة ماذا تفيد؟ تفيد النوع وتفيد العدد، الحقيقة الأولى أن أسماء الله عز وجل لا تتفاوت، كلها في مستوى واحد لأن الله عز وجل مطلق الإنسان كان في مستوى وارتقى إلى مستوى أعلى ثم ارتقى إلى مستوى أعلى، كان ظالماً فعل ظلماً أشد أصبح ظلوماً فعل ظلما أشد صار ظلاماً، أما هذا المعنى لا يليق بحضرة الله عز وجل أبدا.
لو أن فلاناً ارتكب سيئة غفرها الله له فهو غافر، فلان آخر غفر الله له فلان ثالث غفر الله له فلان عاشر غفر الله له العباد كلهم لو أذنبوا غفر الله لهم جاءت صيغة غفار لا من حيث النوع ولكن من حيث العدد، لو فرضنا قلت فلان ليس أكولا إذا نفيت عنه أنه أكول هل نفيت عنه أنه يأكل ؟ لا. إذا قلت: « وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ »
قد يقول قائل معلوماته محدودة وأفقه ضيق الله ينفي عن نفسه مبالغة الظلم ولا ينفي عن نفسه الظلم، فإذا قلت عن إنسان ليس أكولاً ليس معنى هذا أنه ليس آكلاً، قال: هذا لا يليق بحضرة الله عز وجل لأن صيغة المبالغة بأسماء الله لا تعني الكم بل تعني العدد، فكل عباده لو أنهم أذنبوا
فالله عز وجل غفور، فصيغة فعول تعني المبالغة لا في المعنى لكن في العدد والدليل قوله تعالى
« مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» {فصلت :46}
الظلام في حق الله تعني أنه لا يظلم جميع عباده ينعمون بعدالته شيء آخر: المغفرة في اشتقاقها اللغوي تعني الستر، فمثلا الغفر وبر الثوب، وبر الثوب يستر اللحمة والسدى ومغفر الرأس الشعر يستر جلد الرأس، فباللغة معنى الستر ولكن ربنا عز وجل كما يتضح لكم ذكر بعض
المعاصي فقال مثلاً عن سيدنا موسى: « قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » {القصص :16}
سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام: « لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً » {الفتح :2}
فلا يستقيم معنى المغفرة بمعنى الستر لكن يستقيم بمعنى الصفح والعفو والستر والصفح يلغيان الشيء بمعنى واحد فالمعنى الأول المغفرة الصفح العفو أي عدم إيقاع العقوبة، أي الله عز وجل غفور يمكن أن يعفو عنك فلا يوقع عليك العقاب.
المشكلة الأساسية هو أننا إذا قرأنا القرآن نقرأ بعضه وننسى بعضه الآخر قال تعالى: « قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » {الزمر :53}
لا ينبغي أن تقف عند هذا المكان في الآية قال تعالى: « وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ » {الزمر :54}
أي غفور لمن أقبل، غفور لمن تاب، غفور لمن رجع، غفور لمن أناب، غفور لمن أصلح، غفور لمن استغفر، أما أن يقيم الإنسان على معصية وينوي أن يبقى عليها ويقول الله غفور رحيم هذا من السذاجة والجهل وعدم الفهم: « نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ » {الحجر :49-50}
أي إما أن تأتيه طائعا وإما أن يدفعك إلى أن تأتيه، ربنا عز وجل قال في بعض الآيات أن الله تاب عليهم ليتوبوا ويوجد آيات تابوا فتاب الله عليهم، ما معنى توبة الرب إذا سبقت توبة العبد ؟ وما معنى توبة الرب إذا تأخرت عن توبة العبد ؟
قال بعض العلماء: " إذا سبقت توبة الرب توبة العبد أي أن الله عز وجل ساق له من الشدائد والمحن والمصائب ما دفعه إلى التوبة فما أكثر التائبين على أثر مصيبة نزلت بهم "، الله عز وجل تاب على العبد قبل أن يتوب أي ساق إليه الشدائد والمحن والبلايا بحيث يحمله على التوبة
وإذا قال الله عز وجل: « ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً *وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً » {المدثر :11-14}
حيثما جاءت كلمة ذرني يعني يا محمد إن لم يستجب فلان لك دعه لي أنا أسوق له من الشدائد ما أحمله على التوبة وهذه آيات دقيقة جدا فالله عز وجل من رحمته بنا يسوق لك إنساناً لطيفاً يقدم لك نصيحة هادئة لطيفة بينك وبينه، يدعمها بالآيات والأحاديث والقصص فأنت إما أن تستجيب وإما أن لا تستجيب، فإن لم تستجب فالله سبحانه وتعالى عنده من الوسائل والأساليب والأدوية والطرائق والمضايقات والشدائد ما يدفعك إلى بابه دفعا فأيهما أرقى لك أن تأتيه طائعا أو أن تأتيه بعد العصى، هذا ما فسره النبي عليه الصلاة السلام: ( عجب ربكم من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل، كل بني آدم يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله، قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )
« تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا » أما إذا جاءت توبة الرب بعد توبة العبد فهي قبول التوبة " تابوا فتاب الله عليهم " أي قَبِلَ توبتهم. إذا الإنسان قرأ عن المغفرة قال: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ... يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ ) صحيح مسلم
هذا معنى هذا الحديث القدسي أن الإنسان إذا عاد إلى الله طواعية ضَمِنَ حفظ الله له وتأييده وإكرامه فإذا أبى ولم يستجب عندئذ سيأتيه العذاب من حيث لا يشعر لذلك ربنا عز وجل يقول:
« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ » {الأنفال :24}
إن لم تأته طائعا دفعك إلى بابه دفعاً. قال بعض المفسرين: " غافر الذنب إكراما وقابل التوب إنعاما وشديد العقاب بالكافرين وذي الطول أي ذي العطاء الكبير للسابقين والمقربين ".
- الحقيقة ثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى للمؤمنين واسم واحد للكافرين، فربنا عز وجل غافر الذنب وقابل التوب ذي الطول شديد العقاب فقال: غافر الذنب لمن ظلم نفسه وقابل التوب للمقتصد وذي الطول للسابق، فبعض المؤمنين مقصرون مخالفون بعضهم مستقيمون بعضهم
متفوقون، فربنا عز وجل للمقصرين غافر الذنب وللمقتصدين قابل التوب وللسابقين ذي الطول وللكافرين شديد العقاب، لماذا كانت صفة واحدة من صفات الله عز وجل للكافرين لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( الكفر ملة واحدة فماذا بعد الحق إلا الضلال ) الكفر واحد أما الإيمان مراتب
فالتفاؤل والرجاء دون توبة دون استقامة تفاؤل أبله أحمق، والخوف إلى درجة الانسحاق واليأس من رحمة الله هذا يأس قاتل ولن تسعد مع الله عز وجل إلا إذا جمعت بين الخوف والرجاء قال تعالى: « فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ » {الأنبياء :90}
قال نبئ يا محمد: « نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »
قبل العباد جاءت شفاعة النبي وبعد العباد جاءت رحمة الله والعبد بين شفاعة وبين رحمة هذا من باب التطمين، فالذي يقرأ القرآن يجب أن يتذوق كيف أن الله سبحانه وتعالى نسب العباد إلى ذاته ويوجد أيضا تكرير قال تعالى:« نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »
في الآية تكرار، بـ أنا، إني أنا، الياء ضمير المتصل بأني هو نفسه أنا إني أنا لماذا التكرار؟ للتطمين. « أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »
بعضهم قال: " غافر الذنب " يمحو هذه السيئة من دفتر أعمالك، وأما الغفور يمسحها عند الملائكة وأما الغفار ينسيك أنت هذا الذنب، فإما أن تمحى من دفترك وإما أن ينساها الملك وإما أن تنساها أنت، هذا منتهى الكرم أن تأتي يوم القيامة وليس لك جاهلية وليس لك ذنب كمال في كمال، لذلك تسعد في جنة الله التي عرضها السماوات والأرض إلى أبد الآبدين
- نحن كعبيد ما علا قتنا بهذا الاسم ؟ الله غفار وأنت ؟ ألا تنسى أخطاء الآخرين أبدا ولا تغفرها
قال العلماء: حظ المؤمن من اسم الغفار أن يستر من غيره ما يستره الله منه، أدق حق يعنيك من اسم الغفار أن تستر من إخوانك المؤمنين وغير المؤمنين ما ستره الله منك امرأة زنت في عهد سيدنا عمر وأقيم عليها الحد ثم تابت وجاء من يخطبها فجاء أخوها إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين جاء من يخطب أختي أفأخبره بذنبها وإقامة الحد عليها، غضب عمر رضي الله عنه أشد الغضب، قال:والله لو أخبرته لقتلتك فأنت كمؤمن لك أخ صديق ذلت قدمه وقع في معصية علمتها أنت لا ينبغي أن تذكرها لأحد إذا كنت مؤمناً وعرفت اسم الغفار، كما أن الله غفر لك وتاب عليك يجب أن تغفر لإخوانك وأن تستر ذنوبهم، والحديث الذي تعرفونه جميعا: ( الذنب شؤم على غير صاحبه، إن ذكره فقد اغتابه )
أنت كمؤمن يجب أن تظهر الجميل وأن تستر القبيح، أما تصيّد الأخطاء وتصيُّد العيوب ليس هذا من أخلاق المؤمن هذا من أخلاق أهل الدنيا
هذا الاسم من أسماء الله الحسنى وكما تعلمون لا يعرف الله إلا الله هذه بعض الآيات والأحاديث التي وردت حول اسم الغفار ويجب أن يدفعنا اسم الغفار جميعا إلى طلب المغفرة من الله عز وجل
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا يا كريم هذا الدعاء كان من أحب الأدعية إلى النبي عليه الصلاة والسلام

~ من موسوعة أسماء الله الحُسنى للدكتور محمد راتب النابلسي بتصرّف
التالي : اسم الله تعالى  ** القهّار **


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

author
زاد الروح
رسالة الوعي والتفكّر لا حدود لها وهاهنا بعضُ زادٍ منها لنمضي في طريق الوعي الفكري والعلم . مرحبا بكم في « زاد الرّوح » أحد مواقع بوابة يوتوبيا لتطوير الذات وتنمية الشخصية