لا تحــــزن
(6)
•• أكثِر من الاستغفار..
« فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً
* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ
وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً »
فأكثر من الاستغفارِ
، لترى الفرَحَ وراحةَ البالِ ، والرزق الحلالِ ، والذرية الصالحةَ ، والغيثَ
الغزيرَ.
« وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ
يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ
فَضْلَهُ »
وفي الحديثِ : {من
أكثر منَ الاستغفارِ جعلَ اللهُ لهُ منْ كلِّ همٍّ فَرَجاً ، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً
}
وعليكَ بسيّدِ الاستغفار
، الحديثُ الذي في البخاري : { اللهمَّ أنت ربي لا إلهَ إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدُك
، وأنا على عهدِك ووعدِك ما استطعتُ
، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ ، أبوءُ لكَ بنعمتِك عليَّ وأبوءُ بذنبي فاغفِرْ لي ،
فإنهُ لا يغفرُ الذنوب إلا أنت }
•• عليكَ بذكرِ اللهِ
دائماً ..
قال َ سبحانه :«
أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ». وقال : «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»
وقال : « يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
»
وقال سبحانه : «
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ
عَن ذِكْرِ اللَّهِ » وقال : « وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ».
وقال : « وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ* وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ
» وقال سبحانه: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ
وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ».
وفي الحديثِ الصحيحِ
:{ مَثَلُ الذي يذكرُ ربَّه والذي لا يذكرُ ربَّه ، مَثَلُ الحيِّ والميتِ }
وفي حديثٍ صحيحٍ
: { ألا أخبرُكم بأفضلِ أعمالِكِم ، وأزكاها عند مليكِكُمْ وخيْرٍ لكمْ من إنفاقِ الذهبِ
والورِقِ ، وخيرٍ لكمْ من أن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقهُمْ ويضربوا أعناقُكُمْ
} ؟ قالوا : بلى يا رسول اللهِ قال: ( ذِكْرُ اللهِ )
وفي حديث صحيح :
أنَّ رجلاً أتى إلى رسول الله فقال: يا رسول اللهِ إنَّ
شرائع الإسلام قدْ كُثرَتْ عليَّ، وأنا كَبِرْتُ فأخبرْني بشيءٍ أتشبَّثُ بهِ . قال
: {لا يزالُ لسانُكَ رطْباً بذكرِ اللهِ }
•• لا تيأسْ منْ رَوْحِ
اللهِ ..
« إِنَّهُ لاَ
يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ »
« حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا »
« وَنَجَّيْنَاهُ
مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ »
« وَتَظُنُّونَ
بِاللَّهِ الظُّنُونَا{10} هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً
شَدِيداً »
•• اعفُ عمَّن أساء
إليكَ ..
ثمنُ القَصَاصِ الباهظِ
، وهو الذي يدفعُه المنتقمُ من الناسِ ، الحاقدُ عليهمْ يدفعُه من قلبِه
، ومن لحمِهِ ودمِهِ ، من أعصابِه ومن راحتِهِ ، وسعادتِه وسرورِهِ ، إذا أراد
أنْ يتشفَّى ، أو غضبَ عليهِمْ أو حَقَدَ . إنه الخاسرُ بلا شكٍّ وقدْ أخبرَنا اللهُ
سبحانه وتعالى بدواءِ ذلك وعلاجِهِ ، فقالَ : « وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ
» ، وقالَ :« خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ »
وقالَ :« ادْفَعْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
»
•• عندك نعم كثيرة..
فكِّرْ في نِعَمِ
اللهِ الجليلةِ وفي أعطياتِهِ الجزيلةِ ، واشكُرْهُ على هذهِ النعمِ واعلمْ أنكَ مغمورٌ
بأعطياتِهِ
قال سبحانه وتعالى
: « وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا »،
وقال : « وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً » وقال سبحانه وهو
يقررُ العبدُ بنعمِهِ عليهِ : « أَلَمْ نَجْعَل
لَّهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ »
نعمةُ الحياةِ ،
ونعمةُ العافيةِ ، ونعمةُ السمعِ ، ونعمةُ البصرِ ، واليدينِ والرجليْن ، والماءِ والهواءِ
، والغذاءِ ومن أجلِّها نعمةُ
الهدايةِ الربانية: ( الإسلاَمُ ) ... كمْ من نِعَم عندك
وما أديتَ شُكْرَها
•• اطلب ثوابك من ربّك
..
اجعلْ عملك خالصاً
لوجهِ اللهِ ، ولا تنتظرْ شكراً من أحدٍ ، ولا تهتمَّ ولا تغتمَّ إذا أحسنت لأحدٍ
من الناسِ ، ووجدته لئيماً ، لا يقدِّرْ هذهِ اليد البيضاء ولا الحسنة التي
أسديتها إليه ، فاطلبْ أجرك من اللهِ يقول سبحانه عن أوليائِه
: « يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً »، وقال سبحانه عن أنبيائِه
: « وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ »، « قُلْ مَا سَأَلْتُكُم
مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ »
فعاملِ الواحدَ الأحد
وحدهُ فهو الذي يُثيبُ ويعطي ويمنحُ ، ويعاقبُ ويحاسبُ ويرضى ويغضبُ ، سبحانهُ
وتعالى . أطعمَ أحدُ الصالحين
رجلاً أعمى فالوْذَجاً "من أفخرِ الأكلاتِ" ، فقال أهلُه : هذا الأعمى لا يدري
ماذا يأكلُ ! فقالَ : لكنَّ الله يدري ! ما دام أنَّ اللهَ
مُطَّلِعٌ عليك ويعلمُ ما قدَّمته من خيرٍ ، وما عملته من بِرٍّ وما أسديتهُ منْ
فضلٍ ، فما عليك من الناسِ
•• لا تحزنْ ممَّا يُتَوَقَّع
..
وُجدَ في التوراةِ
مكتوباً : أكثرُ ما يُخاف لا يكونُ ! ومعناهُ : إنَّ كثيراً
مما يتخوَّفُهُ الناسُ لا يقعُ ، فإنَّ الأوهامَ في الأذهانِ أكثُر من الحوادثِ
في الأعيانِ إذا جاءك حدثٌ ،
وسمعتَ بمصيبةٍ ، فتمهَّلْ وتأنَّ ولا تحزنْ ، فإنَّ كثيراً من الأخبارِ والتوقُّعات
لا صحَّة لها ، إذا كان هناك صارفٌ للقدر فيُبحثُ عنهُ وإذا لم يكنْ فأين
يكونُ؟! « أُفَوِّضُ أَمْرِي
إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ* فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا
مَكَرُوا »
•• لا تراقبْ تصرُّفات
الناس ..
فإنَّهم لا يملكون
ضرّاً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، ولا ثواباً ولا عقاباً. قال أحدُهم : مَنْ
راقب الناسَ ماتَ همّاً .. وفاز باللذةِ الجسورُ
قال ابنُ تيمية أيضاً
عندما أُدخِل السجنَ ، وقدْ أغلق السجَّانُ الباب ، قال: « فَضُرِبَ بَيْنَهُم
بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ»
وقال وهو في سجنِه
: ماذا يفعلُ أعدائي بي ؟! أنا جنتي وبستاني في صدري أنَّى سرْتُ فهي معي، إنَّ قتلي
شهادةٌ ، وإخراجي من بلدي سياحةٌ وسجني خلوةٌ
يقولون : أيُّ شيء
وَجَدَ من فقدَ الله ؟! وأيُّ شيءٍ فقدَ من وجد الله ؟! لا يستويان أبداً
منْ وجد الله وجد كلَّ شيء ، ومنْ فقد الله فقد كلَّ شيءٍ
يقول عليه الصلاة
والسلام : " لأن أقولُ : سبحان اللهِ ، والحمدُ للهِ ولا إله إلا اللهُ
واللهُ أكبرُ ، أحبُّ إليَّ مما طلعتْ عليه الشمسُ "
حياتُك منْ صنع أفكارِك
فالأفكارُ التي تستثمرُها وتفكّرُ فيها وتعيشُها هي التي تؤثرُ في حياتِك
، سواءٌ كانتْ في سعادةٍ أو شقاوة
•• الصبر على المكارِهِ
وتحمُّلُ الشدائدِ طريقُ الفوزِ والنجاحِ والسعادةِ..
« فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا
تَصِفُونَ »
« فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً »
« وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ » ، « اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ
وَرَابِطُواْ »
قال عمرُ رضي اللهُ
عنهُ : " بالصبرِ أدركنا حسْن العيشِ "
لأهلِ السنةِ عند
المصائبِ ثلاثةُ فنونٍ : الصبرُ ، والدُّعاءُ ، وانتظارُ الفَرَجِ .
وفي حديث صحيح :
( لا أحد أصبرُ على أذى سمِعه من اللهِ : إنهم يزعمون أنَّ له ولداً وصاحبةً ، وإنهُ
يعافيهم ويرزقُهم )
وقال صلّى الله عليه
وسلّم : ( من يتصبَّرْ يُصبِّرهْ اللهُ )
إنّ المعالي لا تُنالُ
بالأحلامِ ، ولا بالرؤيا في المنامِ ، وإنَّما بالحزمِ والعَزْمِ
•• لا تحزنْ من فِعلِ
الخَلْقِ مَعَكَ وانظرْ إلى فعْلِهم مع الخالقِ ..
عند أحمد في كتابِ
الزهدِ ، أن الله يقولُ : ( عجباً لك يا
ابن آدم ! خلقتُك وتعبدُ غيري ، ورزقتُك وتشكرُ سواي أتحبَّبُ إليك بالنعمِ
وأنا غنيٌّ عنك ، وتتبغَّضُ إليَّ بالمعاصي وأنت فقيرٌ إليَّ
خيري إليك نازلٌ
، وشرُّك إليَّ صاعدٌ ) !!
•• لا تحزنْ منْ تعسُّر
الرزقِ ..
فإنَّ الرزَّاق هو
الواحدُ الأحدُ ، فعنده رِزْقُ العبادِ ، وقدْ تكفَّلَ بذلك « وَفِي السَّمَاء
رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ »
فإذا كان اللهُ هو
الرزاقُ فلِم يتملَّقُ البشرُ ولِم تُهانُ النفسُ
في سبيلِ الرزقِ لأجل البشرِ ؟!
قال سبحانه : « وَمَا
مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا » وقال جلَّ اسمُه: « مَا يَفْتَحِ
اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ
»
~ من كتاب لا تحزن .. للدكتور عائض القرني بتصرّف
•• •• •• ••